اصدارات, التمثيل الدولى, بيانات

الجمعية الوطنية توجه مذكرة احتجاجية للمفوض السامي لحقوق الانسان ” المشاركة حق وليست خدمة مدفوعة “

في خطوة حاسمة تؤكد التزامها بالدفاع عن حقوق المجتمع المدني، وجهت الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات – مصر، الحاصلة على المركز الاستشاري الخاص لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (ECOSOC)، مذكرة احتجاج رسمية إلى السيد فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بشأن القرار الأخير المتعلق بفرض رسوم مالية على استخدام قاعات قصر الأمم في جنيف لتنظيم الفعاليات الجانبية، بما في ذلك تلك المنعقدة على هامش الدورة 59 للمجلس الدولي لحقوق الإنسان.
وأكدت الجمعية أن هذا القرار يُعد سابقة خطيرة في تاريخ تفاعل منظمات المجتمع المدني مع آليات الأمم المتحدة، ويشكل انتهاكًا مباشرًا لحق المشاركة في الحياة العامة والفضاء الأممي، باعتبار أن المشاركة حق أصيل، لا يجب أن يُحوّل إلى خدمة مدفوعة أو امتياز لمن يمتلكون القدرة المالية.
حيث اوضحت المذكرة أن فرض رسوم مالية على استخدام قاعات قصر الأمم لا يتوافق مع المبادئ الأساسية التي قامت عليها منظومة الأمم المتحدة، ولا سيما مبادئ المساواة، وعدم التمييز، وحرية الوصول والمشاركة. وتؤكد الجمعية أن هذا القرار يمثل انتكاسة حقيقية في جهود تعزيز الشفافية والانفتاح داخل الأروقة الأممية، ويفتح الباب أمام تهميش منظمات المجتمع المدني ذات الموارد المحدودة،
وتشدد الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات على أن الفعاليات الجانبية التي تُعقد خلال دورات مجلس حقوق الإنسان وغيرها من المناسبات الأممية تمثل منبرًا حيويًا للمجتمع المدني، تُطرح فيه القضايا التي لا تجد مساحتها الكافية داخل الجلسات الرسمية. وتضيف أن فرض رسوم على تنظيم هذه الفعاليات يعني فعليًا تفليص ساحة النقاش الدولي، وهو ما يُضعف تعددية الرأي ويمس جوهر مبدأ التمثيل العادل والشامل داخل منظومة الأمم المتحدة.
لذا فأن الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات حددت أسباب رفضها لهذا القرار الجائر في أربع نقاط رئيسية:
1. تمييز مالي واضح: حيث تتضرر بشكل مباشر المنظمات الحقوقية ، ما يجعل دفع رسوم إضافية عبئًا يفوق مواردها المحدودة.
2. تقويض للفضاء المدني: فالفعاليات الجانبية تعتبر أحد أهم أشكال الحضور المدني داخل الأمم المتحدة، وفرض قيود مالية عليها يعني بالضرورة تراجع الدور المدني في رصد ومساءلة الانتهاكات.
3. انعدام الشفافية: القرار جاء بشكل مفاجئ وبدون أي تشاور مسبق مع منظمات المجتمع المدني أو أصحاب المصلحة، ما يعكس تجاهلاً لمبدأ الشراكة والتشاور.
4. تأثير سلبي على المدافعين عن حقوق الإنسان: إذ يحد هذا القرار من قدرة المدافعين، خاصة في الدول القمعية، على إيصال أصوات الضحايا ورفع الانتهاكات إلى المجتمع الدولي، وقد يؤدي إلى تراجع في التغطية الإعلامية والدبلوماسية لقضاياهم.
وفي ضوء هذه التطورات، طالبت الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات المفوض السامي باتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة لضمان العدالة والمساواة في المشاركة، وشملت المطالب ما يلي:
1. الإلغاء الفوري للرسوم المفروضة على استخدام قاعات قصر الأمم في الفعاليات الجانبية المرتبطة بدورات مجلس حقوق الإنسان وغيرها من الفعاليات الأممية ذات الصلة.
2. فتح حوار شفاف وجاد مع منظمات المجتمع المدني لمناقشة بدائل مستدامة تضمن استمرار تقديم الخدمات دون المساس بحقوق المشاركة الحرة.
3. ضمان الوصول العادل إلى فضاءات الأمم المتحدة، ومنع أي شكل من أشكال التمييز المالي أو الجغرافي أو السياسي في تنظيم الفعاليات المدنية داخل الأروقة الأممية.
4. إصدار توضيح رسمي من المفوضية السامية حول الأسس والمعايير التي تم بناءً عليها اتخاذ هذا القرار، مع الالتزام بمراجعة القرار بما يتسق مع مبادئ الشفافية والعدالة.
واختتمت الجمعية الوطنية مذكرتها برسالة مباشرة إلى السيد فولكر تورك، أكدت فيها أن الأمم المتحدة، بصفتها الراعي الأول لمبادئ حقوق الإنسان على المستوى العالمي، مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بإثبات التزامها العملي بهذه المبادئ. وجاء في الرسالة:
“إن استمرار هذا القرار يسيء إلى صورة المجلس الدولي لحقوق الإنسان، ويُفقده الكثير من شرعيته باعتباره منصة تضم مختلف الأصوات، لاسيما المهمشة منها. إن التمييز المالي بين المنظمات يتناقض مع جوهر العدالة الأممية، ويجب الوقوف بحزم ضد أي إجراء يعيد إنتاج الإقصاء داخل منظومة الأمم المتحدة نفسها. وعليه، نطالبكم بالتدخل العاجل لإعادة الأمور إلى نصابها، حفاظًا على مصداقية وشفافية وعدالة آليات الأمم المتحدة.”